إبطال افتراء المارق عبدالرحمن عبدالخالق (الحلقة الثانية)

إبطال افتراء المارق عبدالرحمن عبدالخالق

(الحلقة الثانية)

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه،

أما بعد، فما زال عبدالرحمن عبدالخالق مستمرًا في كتمان الحق متبعًا سنن أهل الكتاب في هذا، متعمِّدًا إخفاء الفتاوى الأخيرة للشيخ محمد بن إبراهيم، وتلميذه الشيخ ابن باز –رحمهما الله- في التحذير من الجماعة الضالة “جماعة التبليغ والدعوة” –والتي بيّنتها له في الحلقة الأولى من هذا الردِّ- متعلِّقًا بخيوط العنكبوت بفتاوى صدرت في وقت لم يكن كلا الشيخين قد ألَّما بحقائق هذه الجماعة الضالة، نظرًا؛ لأن شيوخها كانوا يتزينون أمامهما بخلاف حقيقة منهجهم في بلادهم.

ورغم ذلك فمن يتأمل في رسالة الشيخ ابن باز إلى الشيخ سعد الحصين، يجد فيها بوادر إنكار من الشيخ رحمه الله على بعض ما بلغه من انحرافات عن هذه الجماعة، لكنه طالب فقط بالرفق في الإنكار عليهم مع تعهدهم بالنصح آملاً منهم إصلاح هذه الانحرافات.

ولو سلَّمنا جدلاً أن كلا الشيخين أثنيا على هذه الجماعة الضالة، ولم يتراجعَا عن ذلك، وكان هناك علماء آخرون بيَّنوا بالأدلة والبراهين انحراف هذه الجماعة عن الصراط المستقيم، فالقاعدة المعمول بها في هذا الشأن –والتي يعرفها صغار طلبة العلم- أن “الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل”، وأن “الذي علِم حجة على مَن لم يعلم”؛ ولكن عبدالرحمن عبدالخالق يكابر ويعاند في الحق الأبلج –مع معرفته بكتمانه ومعاندته- شأنه شأن مَن قال الله عز وجل فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}

فأقول لعبدالرحمن عبدالخالق: لماذا كتمت فتاوى العلامة عبدالرزاق عفيفي –رحمه الله-، وهو نائب الإمام ابن باز في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-؟!

فلو سلّمنا جدلاً أن الشيخ ربيع بن هادي كان شديدًا على “جماعة التبليغ والدعوة”، فليس هو أول من صنع ذلك، وليس المتفرد بذلك، فقد سبقه إلى تلك الشدّة –والتي هي شدَّة في موضعها اللائق- علماء كبار، على رأسهم: العلامة عبدالرزاق عفيفي –رحمه الله تعالى-، وإليك مواقفه الصارمة من هذه الجماعة المنحرفة:

عن خروج جـمـاعة التبليغ لتذكير الناس بعظمة الله؟سئل الشيخ -رحمه الله-:

فأجاب قائلاً:”الواقع أنهم مبتدعة مخرفون، وأصحاب طرق قادرية وغيرها، وخروجهم ليس في سبيل الله، ولكنه في سبيل إلياس، وهم لا يدعون إلى الكتاب والسنة، ولكن يدعون إلى شيخهم إلياس في بنجلاديش.

أما الخروج بقصد الدعوة إلى الله فهو في سبيل الله، وليس هذا هو خروج جماعة التبليغ، أنا أعرف التبليغ من زمان قديم، وهم المبتدعة في أي مكان كانوا هم في مصر، وإسرائيل، وأمريكا، والسعودية، وكلهم مرتبطون بشيخهم إلياس”.اهـ

وفي خاتمة كتاب “لقاءاتي مع الشيخين: ابن باز والألباني”، تأليف أ.د: عبد الله بن محمد بن أحمد الطيَّار (2/219) أورد حوار له مع العلامة عبد الرزاق استفتاه فيه في بعض الفتاوى، وكان منها هذا السؤال:

* ما رأيكم في جـمـاعة التبليغ؟

فأجاب: “ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج، وقد تعبَّد الله نبيه بالجهاد والدعوة، وليس بالخروج”.

قلت: بل لقد ثبت عن العلامة عبد الرزاق موقف أشد في حق جماعة التبليغ، كما في هذه الرسالة التي أرسلها إبراهيم بن الحصين إلى العلامة عبد الرزاق، يستعطفه فيها أن يُخفِّف حكمه على جماعة التبليغ بالقتل، وهذا نص الرسالة:

فضيلة الوالد الشيخ عبد الرزاق عفيفي -أحياه الله حياة طيبة، وختم لنا وله بالخاتمة الحسنة..آمين.السلام عليكم ورحمة الله و بركاته..

وبعد: -حفظكم الله- أشفع لفضيلتكم برفقة كتابة جديدة حول جماعة التبليغ بعد أن اجتمع فضيلة الشيخ عبد العزيز -حفظه الله- بقادتهم بعد الحج، وناقشهم فيما ينقله المعارضون لهم عنه، ولعلَّ اطلاعكم على المرفقات يخفِّف عنهم حكم فضيلتكم بقتلهم([1]) -أو نقله عن غيركم مقررًا له- حسب ما نقله عنكم الأخ: سعد الحصين هذه الأيام في كتاب منه، وزعها على نطاق واسع، وأرجو أن لا يشمل هذا من ناصرهم من كبار العلماء مثل المفتي السابق واللاحق، ولا يشمل صغار أبنائك مثل إبراهيم وصالح الحصين وغيرهم من مدرسي التوحيد في الجامعة الإسلامية وغيرها.

ونسأل الله أن يمنحنا كلمة الحق في الغضب والرضا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من ابنك ومـحبك

إبراهيم بن عبد الرحـمن الحصين

13/1/1408

وهذه الرسالة هي من النفائس التي أفادني بها أ. محمود بن الشيخ عبدالرزاق عفيفي، لما أتاني بكلِّ الوثائق التي تحت يديه الخاصة بوالده –رحمه الله-، وطلب مني القيام بمراجعة الأعمال القديمة التي تمت في ترجمة وفتاوى والده –رحمه الله-؛ كي نتلافى أي خلل أو نقص حدث فيها، وبالفعل قمت بهذا، وإذ بي أكتشف الطوام من تلاعب الحزبيين بترجمة وفتاوى الشيخ عبدالرزاق، كما بيَّنت هذا بالأدلة في طبعتي لـ: “ترجمة وجامع فتاوى العلامة عبدالرزاق عفيفي”، والتي طُبِعت منذ حوالي عشر سنوات، وكانت ناسخة للطبعة القديمة من الترجمة والفتاوى التي قام بها القطبي “سعيد صابر”، والتي احتوت على العديد من التحريفات لفتاوى الشيخ وترجمته.

وإني أدعو عبدالرحمن عبدالخالق إلى التوبة الصادقة والإنابة العاجلة إلى ربِّ العالمين من هذا الافتراء على عالم من علماء الأمّة، لم يقترف سوءًا إلا أنه حذَّر من ضلالات وشركيات جماعة التبليغ والدعوة سالكًا في ذلك سبيل مَن سبقه من العلماء الذين عرفوا حقيقة هذه الجماعة، وأدعوه كذلك –إن كان يريد الحق ويريد نصرة أهله ويتحامى في الدفاع عنهم كما يتحامى في الدفاع عن فرق الضلال: التبليغ والدعوة وحزب الإخوان المسلمين- أن يأتينا بردٍّ مفصَّل على الحقائق التي ذكرها ثلاثة من العلماء عايشوا هذه الجماعة في عقر دارها، وأتوا بنقولات ظاهرة –لا لبس فيها- من كتبهم ومراجعهم المعتمّدة والتي لا ينكرونها، ألا وهم:

1.   الأستاذ سيف الرحمن أحمد في كتابه: “نظرة عابرة اعتبارية حول الجماعة التبليغية”.

2.                     أ.د: أبو أسامة سيد طالب الرحمن في كتابه “جماعة التبليغ في شبه القارة الهندية: تعريفها –عقائدها”، تقريظ: العلامة صالح الفوزان.

3.                     العلامة حمود التويجري في كتابه “القول البليغ في نصح جماعة التبليغ”.

ويا ليتك كذلك تقرأ “التعليق البليغ على رد الشيخ أحمد بن يحيى النجمي على مادح التبليغ..ويليه: حوار مع الشيخ أبي بكر الجزائري”، لأبي همام محمد بن علي الصومعي البيضاني، فكأنه ردٌّ عليك.

وكذلك راجع فتاوى الشيخ مقبل بن هادي –رحمه الله-.

ومن هنا تدرك افتراءك العظيم ودعواك العريضة السا قطة على الشيخ ربيع بن هادي بأنه أشعل الفتنة الكبرى بتحذيره من جماعة التبليغ والدعوة ونحوها من جماعات الضلال، وإنما الشيخ ربيع موافق في مواقفه المواقف المشرفة التي وقفها علماء أجلاء وناصحون أمناء ضد هذه الجماعات المبتدعة.

يتَّبع –إن شاء الله- ….

وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلّم.

وكتب

أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري

ليلة غرة المحرم 1439

الرياض – دولة التوحيد والسنة: الدولة السعودية

حفظها الله من كيد المنافقين والخوارج المارقين

([1]) هذا الحكم الشديد من الشيخ -رحمه الله-، إنما هو على رءوس هذه الجماعة البدعية، وعلى أفرادها: من أصحاب الطرق الصوفية الخرافية الوثنية القائمة على دعاء الأموات، وعلى عقائد شركية أخرى، وهذا هو محور الطرق الأربعة التي بُنيت عليها جماعة التبليغ: القادرية، والسهروردية، والجشتية، والنقشبندية.

أما الجهال، والمغرر بهم، خصوصًا من أبناء العرب، الذين لا يبايعون على هذه الطرق الوثنية، فلا يتنزل عليهم حكم الشيخ بالقتل، لكن لا يسلمون من البدعة، إلا من رحم الله منهم.